Skip to Content
أفاد مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، خالد الكمدة، بأن أسباب التفكك الأسري في المجتمع الإماراتي، تعود إلى عوامل عدة، فكرية وسلوكية، توصل إليها الأخصائيون والباحثون في الهيئة، عبر دراسات أجروها خلال السنوات القليلة الماضية، حول الخلافات والمشكلات الأسرية، إذ ترجع إلى غياب مفهوم الأسرة كياناً وبناءً اجتماعياً وإنسانياً، وعدم فهم المقصد الأساسي من إنشائه، خصوصاً لدى الأجيال الصاعدة، موضحاً أن هناك قصوراً عند الجيل الجديد في فهم المغزى الحقيقي وراء تكوين الأسرة نواةً يرتكز على درجة صلابة بنيانها استقرار بناء المجتمع بأسره.

وأشار الكمدة لـ«الإمارات اليوم» إلى المفاهيم الخاطئة السائدة لدى أفراد المجتمع عن دور المرأة وواقعها ومكانتها، ومعنى القوامة عليها من قبل الرجل، مؤكداً أن ضعف لغة الحوار وغياب ثقافة احترام الآخر، فكراً وحقوقاً، يمثلان عقبة أساسية أمام إمكانية التفاهم والانسجام بين الشريكين وقدرتهما على بناء أسرة مستقرة ومنتجة، الأمر الذي يوسع الفجوة بينهما، ويسمح بانحلال روابط العلاقة بينهما، وأسباب المودة والرحمة، التي تمثل الشرط الأساسي في نجاح كيان أي أسرة.

«عدم قدرة الشريكين على فهم حجم مسؤولياتهما سبب مهم وراء زعزعة كيان الأسرة».

علاقة فاعلة

قال الكمدة إن هيئة تنمية المجتمع علاقتها فاعلة مع شركائها، مثل وزارة التربية والتعليم ومنطقة دبي التعليمية وهيئة المعرفة والتنمية البشرية، كما أنها تعمل مع تلك الجهات المتخصصة بهدف الارتقاء بحياة الأسرة واستقرار كيانها، وذلك عبر تطبيق مجموعة من البرامج والمبادرات المشتركة يتم تنفيذها وفق معايير وأدوات قياس معتمدة، لفحص درجة اهتمام الوالدين وعلاقتها بمستوى الطلاب العلمي وسلوكهم الاجتماعي.

التحصيل العلمي

كشف مدير عام هيئة تنمية المجتمع في دبي، خالد الكمدة أن التقارير والملفات التي جمعتها إدارات متخصصة في الهيئة أظهرت أن الآونة الأخيرة شهدت ضعفاً واضحاً في متابعة أولياء أمور لأبنائهم وبناتهم، بل وفي بعض الوقائع إهمالهم، مؤكداً أن تلك بحاجة إلى حل عبر بتوعية أولياء الأمور بضرورة المتابعة الدورية لأبنائهم بوسائل عملية وعلمية، تضمن التزامهم بدروسهم وتحصيلهم المستوى العلمي المطلوب.

وأضاف أن الافتقار إلى الثقافة الأسرية وحاجة الأسر الناشئة إلى برامج توعية متخصصة متميزة، نوعاً وكماً، يعتبران أحد الأسباب المهمة وراء فشل الأسر في تحقيق الاستقرار، مؤكداً أن تلك مسؤولية تقع على عاتق عدد من الأطراف، وتتطلب جهوداً تربوية وتعليمية ومجتمعية تبدأ بإعداد الفرد منذ الصغر، وفي مراحل وعيه المبكرة.

واعتبر الكمدة أن عدم قدرة الشريكين على فهم حجم مسؤولياتهما وتحملها بالشكل المطلوب، سبب مهم وراء زعزعة كيان الأسرة وعدم التمكن من خلق البيئة الصحية الكفيلة ببناء أواصر الترابط بينهما، وبالتالي بين كل أفراد الأسرة، الأمر الذي إن تحقق سيعمل بدوره على بث الدفء العاطفي والتوازن النفسي عند كل منهم، بما يكفل استقرار ونجاح الكيان الأسري.

وأشار الكمدة إلى أن غياب التناغم والاتفاق بين الشريكين على منهج واضح ومتزن في تربية الأطفال، يتسبب بكثير من الخلافات بينهما ويهدد استقرار الأسرة، لاسيما في وجود كثير من العوامل الخارجية المؤثرة سلباً في عقول وسلوك الأجيال الناشئة، نتيجة اتصالها عبر مختلف القنوات بكل ما يدور في العالم من ظواهر وأحداث إيجابية وسلبية.

وجزم الكمدة بأن عدم الخبرة لدى الشريكين بكيفية التعامل مع المشكلات الحياتية المختلفة والمتلاحقة، يؤدى إلى تدهور الأوضاع الأسرية، لاسيما حين يفشلان في مواجهة ما يمكن أن يطرأ على الأسرة من استحقاقات أو أزمات أساسية، مثل مرض أحد الأبناء أو ولادة طفل من ذوي الإعاقة.

وأكد أن تفكك الأسرة وضعف كيانها، بيئةً حاضنةً ومحفزةً لكل ما هو إيجابي، يؤديان إلى ضياع وتشتت الأبناء ووقوعهم فريسة للانحراف والرذائل، ما يحول أفعالهم إلى سيل من الممارسات الخاطئة التي تتطور في كثير من الأحيان إلى حد ارتكاب الجرائم.

ولفت إلى أن هيئة تنمية المجتمع أولت أهمية قصوى لفئة الأحداث الذين يقعون ضحية الانحراف، مشيراً إلى إنشاء الهيئة مجموعة من الأقسام والوحدات التي تعمل على مدار الساعة لتوفير كل سبل التوعية والتمكين، وتعزيز الجوانب الوقائية للأخذ بيدهم ليصبحوا عناصر فاعلة ومهمة في المجتمع.

وأضاف أن الهيئة أوجدت مركزاً متخصصاً يديره أخصائيون، وهو مجهز بأحدث التجهيزات وفق أرقى النظم العالمية، لخدمة ورعاية الأحداث، بهدف الوصول بهم إلى بر الأمان، وتمكينهم من أن يكونوا أفراداً أصحاء فاعلين منتجين.

وعرض الكمدة أبرز أربعة أنواع من الجرائم تم رصدها من خلال مركز الأحداث، التابع للهيئة، تضمنت تعاطي المؤثرات العقلية، والنزوع إلى الممارسات غير الأخلاقية، مثل العلاقات خارج مؤسسة الزواج، بالإضافة إلى ارتكاب جرائم جنسية نتيجة الوقوع ضحية الاستغلال الجنسي، وكذلك قيام أغلبهم بالتمرد على سلطة الأب، أو الوالدين، وتعمدهم تحدي سلطته، أو سلطة أخرى مثل المؤسسة التعليمية، من خلال مجموعة من الممارسات السلوكية الخاطئة، مثل الهروب من المدرسة وأحياناً بممارسات تتصف بالعنف والعدوانية قد تصل إلى إيذاء الذات أو الآخرين.

وعن مدى تأثير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، قال الكمدة إن حضور تلك الوسائل بقوة في السنوات الأخيرة أثر بشكل أو بآخر في النواحي المختلفة من حياة الأسرة وأفرادها، مؤكداً أنه لابد للوالدين من الانتباه إلى خطورة وأهمية التوعية بمخاطر تلك الوسائل ونشر الثقافة المطلوبة للتمكن من استخدامها بشكل إيجابي.

وأكد أن تلك الوسائل والقنوات الحديثة والسريعة للتواصل، هي سلاح ذو حدين، حيث كما يمكنها أن تستخدم في مجالات الخير ونشر المعرفة والثقافة والتسامح المجتمعي، فهي أيضاً تُستخدم معولاً من معاول الهدم، ما يحتم ضرورة المراقبة على من يستخدم هذه الوسائل وكيف يستخدمها للتأكد من الأفكار والآراء التي يتم تداولها عبر تلك الوسائل، والتي من الممكن أن تمثل خطورة على النشء والبالغين على حد سواء.

وقال الكمدة إن أغلب البيوت في عصرنا الحالي تظهر هدوءاً وإغراقاً في السكون، لأن كل واحد من أفراد الأسرة القاطنين في تلك البيوت يسبح بعيداً عن الآخر في عالمه الافتراضي، مع أنهم يعيشون تحت سقف واحد، إلا أنهم لا يتواصلون ولا يتبادلون الفكر والإحساس، إلا ما ندر، نتيجة انشغالهم بعوالمهم الخارجية.
آخر تحديث للصفحة 31 ديسمبر 2019
كيف كانت تجربتك مع خدماتنا ؟ شاركنا برأيك.