Skip to Content
menu

على أيام مدارس زمان، وبالرغم من الإمكانيات البسيطة، إلا أن الأنشطة الرياضية والفنية كانت تأخذ حصتها من الزمان والمكان والاهتمام، وكانت هناك جدية كبيرة في التعامل مع هذه الأنشطة، بالرغم من انها لا تدخل درجاتها في تقييم الطلاب، لكن نظار ومدرسين زمان كانوا يعتبرون حصص الرياضة أو الرسم أو الموسيقى من مكملات العملية التربوية والتعليمية، وكانوا كثيرا ما يرددون في طابور الصباح الجملة المعروفة «العقل السليم في الجسم السليم».

وكانت المنافسات تشتد بين فصول المدرسة وبين الطلاب في جميع الألعاب الرياضية، وكان الطلبة يعشقون هذه الفترات من اليوم الدراسي لأنها أولاً تكسر من حدة روتين الحصص والحبس داخل جدران الفصول، وثانيا انها تفرغ شحنات من طاقاتهم الجسدية، وثالثا ان هذه الحصص كانت بمثابة الدروس الأول في تعلم شتى أنواع الألعاب، والفنون..

ثم تبدل الحال وتغير في مدارسنا، بعدما جاءتنا موضات مختلفة من برامج تحسينات المناهج وتطوير أساليبها، وجرب في مدارسنا المجربون، حتى تبعثرت الأولويات وتبدلت الاهتمامات، وضاع النشاط الرياضي والفني وصار مجرد تحصيل حاصل، بل في كثير من المدارس تحولت الصالات التي يفترض انها معدة لأنشطة رياضية أو فنية إلى مخازن للمخلفات من الكراسي والطاولات والاكسسوارات المدرسية، وألغى بعض النظار الحصص الفنية، بل وبعضهم حرمها.. وصارت المدرسة مجرد جدران أربعة في فصل يحبس فيها الطلاب حتى نهاية الدوام.

صارت المدراس وكأنها كتاتيب لكنها مودرن بحكم حداثة البناء فقط وبعض التغييرات على الأسلوب الأقدم في التعليم!! وصار الطلاب ينتهزون فترة الاستراحات في الفسح للعب الكرة بالملابس غير الرياضية. فيتصبب منهم العرق ليعودوا مرة أخرى إلى فصولهم، والمطلوب منهم في هذه الحالة التركيز على المعلومات وما تحشى به أدمغتهم..

في دراسة أجريت في العام الماضي، تبين ان ظاهرة البدانة تنتشر في مدارسنا بصورة غير طبيعية، وغيرها من الدراسات أظهرت ان البيئة المدرسية تحتاج إلى تطوير بإيلاء النشاط اللاصفي اهتماما اكبر.. فما عادت المدراس تبذر البذور الأولى في نفوس طلابها وتعمل على صقل مواهبهم واستغلال طاقاتهم..

بالأمس أعلنت بلدية دبي انها بصدد انشاء أربع صالات رياضية ضخمة في أربع مدارس في دبي وان هدف هذه الصالات هو توفير بيئة نشاط رياضي مثالي وعلى مستوى عالمي، نتمنى ان يزيد هذا العدد من الصالات في المستقبل ليشمل جميع المدارس.

وان يتم سن قاعدة بأن لا تبنى مدرسة سواء خاصة أو حكومة وألا تكون صالات النشاط الرياضي والفني من بين أساسياتها، على اعتبار ان العملية التربوية والتعليمية لا تكتمل إلا من خلال جسم سليم، وبيئة لديها كامل الاستعداد لاستيعاب مواهب الطلبة، اذ تبقى المدرسة هي البيئة التي ينتقل إليها الإنسان بعد بيته وأحضان والديه، وهي المجتمع الأول الذي يبنى فيه ملامح شخصيته..

بقلم :مرعي الحليان

آخر تحديث للصفحة 01 يناير 2020